د. عزالدين عناية * في سوسيولوجيا الإسلام ثمة ظاهرة لافتة، كلما أمعن رمز من رموز الطغيان في تلويث الدين ومسخه إلا وأسرع إلى تشييد أفخم الجوامع وأبهى الصوامع. وليْته قنع بذلك لأنه ليس ممن يعمرونها طويلا، فقصارى ما يبغيه من صنعه تخليد اسمه. لكن حاكم تونس الذي أطاحت به ثورة الشعب لم يقنعه تشييد الجوامع، فتفتقت عبقريته إلى اكتساح أسماء الساحات والشوارع، حتى كادت ألا تخلو بلدة أو مدينة في تونس من تسمية "شارع 7 نوفمبر". لكن لا الجوامع ولا الشوارع أطفأت مكنون الجوارح، فكان البحث عن دكتوراه فخرية من جامعة أوروبية يتقلدها "باكالوريا ناقص ثلاثة" كما يسميه التونسيون، أي "ختم الدروس الثانوية تنقصها ثلاث سنوات"، وهو المستوى التعليمي الحقيقي لبن علي. عشية يوم أبلغتني أستاذة الأدب العربي إيزابيلا كاميرا دافليتو، الزميلة سابقا في جامعة الأورينتالي في نابولي، حين كنا ندرّس هناك سويا، أن أعوان رئيس تونس وفدوا حازمين لانتزاع شهادة فخرية لولي أمرهم، عارضين إغراءات شتى على عميد الجامعة وعلى هيئة الإشراف. فالأوريِنتالي -الشرق- هي من أعرق الجامعات وأشهرها في تدريس الاستشر