رفقا بمشاعر شبابنا...


بقلم : نوفل, بعد سنوات طويلة من الإنتظار ، بعد لحظات عسيرة ومريرة ، بعد سنوات من الأمل  ، يطل ساعي البريد على منزل أحد الشباب المعطل عن العمل . يطل ساعي البريد مسرعا .

 كم كان هذا الشاب المعطل عن العمل  في حاجة لرؤية الساعي أما منزله ، ينزل ساعي البريد  من فوق دراجته النارية ويطرق باب المنزل بكل ثبات وبكل ثقة بالنفس  كأنه يريد أن يبشر الشاب  بخبر سيغير مجرى تاريخه ويقلب حياته رأسا على عقب .
 تخرج الأم مسرعة – وكـأن قلب الأم اشتعل وأحس  بهذا الحدث الجديد .
-         الأم : صباح الخير يا سيدي .
-          ساعي البريد : صباح الخير ، من فضلك هل يمكن أن تنادي ابنك المعطل عن العمل .
-          الأم حسنا ولكن أخبرني ما الأمر ؟ ما الذي فعله ؟ ...
-         ساعي البريد : لا داع للقلق  يبدو أن ابنك سوف يودع حياة البطالة إلى الأبد وهذه برقية تثبت نجاحه في أحد المناظرات .
-         الأم تنادي بحرارة على ابنها وكأنها تريد أن تكون هي الأولى التي تبشره بهذا الخبر المفرح . 

يخرج الشاب  مسرعا وعلامات الإرتباك بادية على محياه.
-         الإبن بصوت المرتبك : نعم يا أمي  هل هنالك أمر جديد ....؟
-         ساعي البريد : اهدأ ولا داع للقلق ، يبدو أنك سوف تودع البطالة إلى الأبد ، مبروك لقد نجحت في أحد المناظرات وتم قبولك للعمل .

الإبن يقف للحظات مندهشا وكأن الزمن توقف ، وكأن لحظات اليأس تتحول بقدرة قادر إلى لحظات من الفرح ، الآن أنا إنسان هكذا كان يصرخ بداخله .....
ساعي البريد يقطع على الشاب  لحظات  فرحه وتفكيره ويقول له :
-         تفضل يا ابني هذه البرقية التي وصلتك وإنشاء الله بالتوفيق في حياتك الجديدة وفي عملك .

يدخل الشاب إلى المنزل حاملا في يده برقية العمل وكأنه يحمل بين ذراعيه كنوز العالم كلها .... وبعد أن لاحظت الأم علامات الفرح المفرط عند ابنها قامت بصب القليل من الماء البارد فوق رأسه حتى يعود إلى رشده  ولا تسافر به الفرحة إلى عالم بعيد قد لا يعود منه ( وهذه عادة في المناطق الريفية تستعملها النسوة ).
يفتح الشاب  البرقية ويقرأ بصوت مرتفع وبكل فخر السطر الأول على مسامع أمه وكأنه أراد أن يقول لها بأنه ليس فاشلا وهاهو الدليل بين يديه لقد نجح في أحد الوظائف بدون وساطة ولا رشوة وإنما كفاءته هي التي حسمت الأمر :( على اثر نجاحكم في المناظرة..) ما أجمل هذه العبارة وما أحلاها ، كم عاش على أمل رؤيتها أو سماعها ، يترك الشاب البرقية للحظات ثم يواصل قراءتها عله يجد جملة أخرى تفرحه أكثر، ولكن يا الاهي  ما هذا الكلام انه حديث آخر  يختلف عن البداية :
-         يصرخ بأعلى صوته  لا...لا... أرجوكم لا أريد أن أعود إلى حياة البطالة والذل والمهانة....

تلتفت الأم لابنها وتقول له بصوت عال : ما الذي حدث يا ابني ..ما الذي أصابك بسم الله الرحمان الرحيم ....
يضحك الإبن ، ضحكات سخرية وقهر  ويقول لأمه :
-يا أمي إن هذه البرقية عفوا الورقة لا تساوي شيئا أنها مجرد إعلام بأنني سوف أجتاز مناظرة، لا يوجد عمل ولاتوجد فرحة مازلت ضائعا بين سراب البطالة ويرتمي في أحضان أمه كأنه يريد أن يقول لها " سامحيني يا أمي فانا مازلت فاشلا ".
هذه أطوار قصة حقيقية لفرحة شاب ساهمت  البرقية في تحطيم مشاعره وزادت في تأزم حاله النفسية ، لذلك فإننا نطلب من الإدارات أن تتحرى جيدا وتنتقي عباراتها وأن لا تتلاعب بمشاعر شبابنا.فأرجوكم رفقا بمشاعر شبابنا رفقا بمشاعر شبابنا المتعطش للحلم....

تعليقات

  1. هذه البرقية لم تأتي لهذا الشاب فقط ... لقد حطمت الكثير من الشباب المنتظر برقية الاستمرار فالحياة اتمنى من ثورتنا أن تحاكم هده البرقية و حاملها ...

    ردحذف
  2. nchala 7ath mouwafa9 lel jami333

    ردحذف

إرسال تعليق

نكتب لنتواصل.. الرّجاء ترك تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاهد أجمل باقة صور لمنطقة قصر غيلان

مخيم كشفي دراسي بجهة قبلي

سراب الهجرة الى روما