....وتتواصل المعاناة




بقلم : طه

 عندما يقع المرء بين المطرقة والسندان وتتحول أحلامه المشروعة في حياة أفضل إلى كابوس مزعج وتتبدد آماله وتتلاشى وراء سحاب أسود  وتختفي في طريق مظلم لا نهاية له ،يصرخ في صمت ويتألم في اليوم آلاف المرات ليذوق طعم الموت البطيء ، اعذروني عن هاته الكلمات  المتشائمة والمهمومة واليائسة ،لكنني لم أجد غيرها لأعبر في حرقة  عن معاناة شريحة كبيرة من الشباب  الذين تحصلوا على قروض من بنك التضامن  أو عفوا" بنك الطرابلسية" سابقا ،

كانوا ينظرون إلى القرض على أنه وسيلة نجاتهم من حياة الذل والمهانة وكانوا يحلمون ببعث مشاريع تخرجهم من ظلمة البطالة إلى نور الحياة العملية، كانوا يعيشون على أمل  الخروج من دائرة الفقر  والعجز والتهميش الذي رافقهم بعد أن سدوا في طرقهم كل الأبواب المؤدية للحصول على وظيفة وعمل قار . لكن وللاسف فحتى الحلم في وقت ما كان الشباب محروما منه أقول ذلك لأن السواد الأعظم ممن تحصلوا على القروض أن لم اقل أغلبهم ما آن تحصل على قرضه الموعود حتى انهالت عليه المصائب عفوا الضرائب كالجراد الذي يلتهم الأخضر واليابس  ، فانهارت مؤسساتهم وتحول الحلم إلى كابوس  والأمل إلى يأس ، وحتى نكون موضوعيا فإننا لن نلتحف برداء  الضرائب ونرتدي عباءة من  يعلق أخطاءه على شماعة غيره ، فهنالك جزء بسيط من الأسباب  يتحملها الباعث الشاب الذي وقع التغرير به  والتي تتمثل اساسا في ضعف الدراسة المسبقة للمشروع ، لكن القسط الكبر من المعاناة المتسبب فيه هم أولئك الأعوان الفاسدين الذي باعوا ضمائرهم للطرابلسية وحطموا  بدون أدنى شفقة أحلام هؤلاء الشباب  : فالبنك  الذي كان من المفروض أن يقف إلى جانبهم ما ان تمضي مدة قصيرة حتى يطالبهم بتسديد  الديون  وخلاص الأقساط ليتنصل  ويتجرد من مسؤولياته الإجتماعية ويتنكر لأصحاب المشاريع الصغرى . لتنطلق رحلة المعاناة  التي تنتهى عادة إما بإرجاع المعدات إلى البنك وعندها نترحم على الباعث الشاب المحطم،أو تقوم السلطة بالزج به في السجن وهنالك عدد آخر انتهى بهم المطاف في المصحات والمستشفيات العقلية بعد أن عجزوا عن تحمل هول الصدمة ورؤية أحلامهم تذبل أمامهم وهم  غير قادرين على فعل أي شيء.
وبعد أن هبت رياح الثورة التونسية المجيدة التي كانت دماء الشباب وقودها ، خلنا بان جزء من المعاناة سيمحى ولكن الدولة واصلت في إهمالها لهؤلاء الشان بل وعوض أن تمد لهم يد الرحمة راحت تقدمها لأصحاب الأموال الطائلة والمشاريع الكبرى وبقي الباعث الصغير يعاني جراحه وهنا اجد نفسي مجبرا على طرح عدد من الأسئلة التي لم اجد لها إلى اليوم حلا واحدا :
·       لماذا اهتمت الدولة بعد الثورة بكل القضايا وفتحت كل الملفات إلا هذا الملف بقي طي النسيان ؟
·       لماذا سارعت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة باعادة جدولة ديون أصحاب المشاريع الكبرى بل وقامت بطرح أجزاء كبيرة منها  ولم تلتفت لاصحاب المشاريع الصغرى ؟
·       لماذا يتم إلغاء ديون حديثة في حين أن الديون القديمة لم تلغى؟
·       لماذا لا ينتفع الباعث الشاب من إعفاء ضريبي في حين أن أصحاب المشاريع الكبرى يتلاعبون بالضرائب ويتهربون منها من دون حسيب ولا رقيب
·       لماذا لا يبادر بنك التضامن أو الحكومة بفتح حوار جريئة مع هؤلاء الشباب  للوصول إلى حلول جذرية ترضي كل الأطراف .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شاهد أجمل باقة صور لمنطقة قصر غيلان

مخيم كشفي دراسي بجهة قبلي

سراب الهجرة الى روما