كتاب جديد يتناول شؤون المهاجرين في إيطاليا "الإسلام الإيطالي: رحلة في وقائع الديانة الثانية"
بلغت أعداد
المسلمين في إيطاليا، ضمن الإحصائيات الصادرة عن مركز الأبحاث الأمريكي: “The Pew Forum on Religion and Public Life” خلال العام
2010 مليونا ونصف
المليون مهاجر. ويحمل أكثر من مائة ألف منهم الجنسية الإيطالية، ويضاف
إليهم أعداد المهتدين الإيطاليين إلى الإسلام. يأتي في مقدّمة المهاجرين المسلمين
المغاربة، ثم يليهم التونسيين، فضلاً عن تجمّعات أخرى من عدة بلدان. بيد أن هذا
الحضور تتخلّله هنات كثيرة، بدءاً من تدنّي المشاركة إلى محدودية التنظيم. ولا تتأتّى
تلك المساوئ من ذلك التكتّل وحده، بل جرّاء محدودية استراتيجية الاستيعاب والدمج
في المجتمع المضيف أيضا، نظرا إلى جدّة تقاليد التعامل مع الهجرة عموماً، في
الأوساط الرسمية الإيطالية. فقد تتوفّر إرادة الاندماج لدى المهاجر غير أنها
تتقابل ونوايا تأجيل الدمج، إن لم نقل صدّه وتعطيله، تحت مبررات وتخوّفات مختلفة.
وثمة بالتوازي
ذاكرة مثقلة بوطأة التاريخ، وبهواجس الحاضر، تجاه المسلمين، يغذّيها توجّس من قبل
وسائل الإعلام الإيطالية، وعدم إقدام الوافدين لخوض مُثاقَفة فعلية مع مجتمع
الأهليين، وهو ما خلّف أحيانا إعادة انتاج واستهلاك لوقائع بلدان المأْتى.
لقد بات
الإسلام الديانة الثانية عدديا في إيطاليا، وفي العديد من البلدان الغربية، لكن
ذلك الحضور لا يتناسب مع مشاركتهم، ولا يضاهي نشاط تجمّعات دينية أخرى أقلّ نفرا، فغالبا
ما كان ضعف الجاليات المسلمة من ضعف بلدان المأْتى، وإشكالياتها من إشكاليات وقائع
تلك المجتمعات.
فلا يتعدى عمر
الهجرة الإسلامية الحديثة إلى إيطاليا ثلاثة عقود، وقد تشكّلت في مطلعها بالأساس
من الوافدين من المغرب الأقصى. وفي ذلك المسار، سواء اختارت تلك الجموع الانعزال
أو نبذته، فهي محكومة في عيشها، عن قصد أو عن غير قصد، بالاحتكاك بالأكثرية
مؤسّسات ولغةً وثقافةً. إذ التدافع مرتبط بمنطق الأكثرية والأقلية، والأصيل
والدخيل. فالمسلمون ما زالوا ناشطين بسواعدهم ومقصِّرين بعقولهم، وهو ما يؤجل
حوارهم الحقيقي مع المجتمع الحاضن، وما يجعل مشاركتهم صامتة.
الباحث وعالم
الاجتماع الإيطالي ستيفانو ألِيافي، ضمن قلة من الكتاب الغربيين، ممن لم ينخرطوا
في الاتهام المبرّر للإسلام والمسلمين المتواجدين في الغرب، بقي في جل أبحاثه وفيّا
للتحليل الاجتماعي الرصين، يتجوّل بنا عبر رحلة شيّقة في ربوع الإسلام المهاجر في
إيطاليا اليوم.
الكتاب يتقصّى
واقع المليون ونصف المليون مسلم ممن يقيمون على التراب الإيطالي. يجلي فيه صاحبه
أوضاع جموع واسعة تبحث عن الاندماج في مجتمع غربي. وعندما نقول المسلمين نعني
بالأساس المغاربة والتونسيين، كونهم الشريحة الأوسع بين المهاجرين.
فقد صار
الإسلام الديانة الثانية في إيطاليا، وفي العديد من البلدان الغربية، وفعلا باتت
تلك المجتمعات تشهد منعرجا حضاريا، يفرض الكثير من التحديات على الأصيل والدخيل. والحالة
كما تبشر بأمل لدى البعض تثير انزعاجا لدى آخرين. لذلك يروي الكتاب قصة المهاجر
حين يرحل إلى بلاد أخرى محمَّلا بتراثه ودينه وحضارته، متحدثا عن التدافع بين
مخيالين وما يطرأ من شتى ضروب التآلف والتنافر بين الوافد والمقيم.
ذلك أن قلة من
العرب من توفر لهم إلمام موضوعي بأوضاع المسلمين في الدول الغربية، لقلّة الأبحاث
في اللسان العربي. كما أن الترجمة غالبا ما أهملت هذا الحقل، رغم راهنيته، في الإخبار،
ولما له من جدوى في تصويب الرؤى. صدر كتاب "الإسلام الإيطالي: رحلة في وقائع الديانة الثانية"
عن
مشروع "كلمة" للترجمة في أبوظبي، ضمن التعاون مع "معهد الشرق" في روما.
مؤلف الكتاب ستيفانو
ألِيافي، من أبرز علماء الاجتماع الإيطاليين المنشغلين بظاهرة الهجرة في إيطاليا،
سبق له أن أعدّ أبحاثا في الشأن منها: "المسلمون الجدد: المهتدون إلى
الإسلام" 1999. أما المترجمان: عزالدين عناية فهو تونسي يدرّس بجامعة
لاسابيينسا في روما، سبق له أن ترجم أعمالا عدة من الإيطالية آخرها: "الإسلام
الأوروبي.. أنماط الاندماج" المنشور في أبوظبي، و"السوق الدينية
في الغرب" المنشور في دمشق؛ وعدنان علي، فهو صحفي من العراق مقيم في روما،
من ترجماته المنشورة: "الدستور الإيطالي".
الإسلام
الإيطالي: رحلة في وقائع الديانة الثانية
ستيفانو
ألِيافي
ترجمة: عزالدين
عناية و عدنان علي
كلمة أبوظبي
تعليقات
إرسال تعليق
نكتب لنتواصل.. الرّجاء ترك تعليق